إسهامات العلماء في علم الجغرافية في القرنين الثالث والرابع الهجريين
DOI:
https://doi.org/10.57592/djhr.v1i49.1771الملخص
قد تناولتُ في بحثي هذا أهم المجالات أو الفروع الخاصة بعلم الجغرافية التي درسها الجغرافيون في القرنين الثالث والرابع الهجريين ، وأود أن أشير إلى ثلاث ملاحظات مهمة تعليقاً على ما سبق :
أولاً: كانت اتجاهات التأليف الجغرافي في القرنين المذكورين لدى الجغرافيين تخضع لاتجاهات منها :
أ- العناية الشديدة بأقطار العالم الإسلامي من حيث وصْفها إقليمياً وخاصة أقطار الوطن العربي ـ والاقتصار على ذلك ـ على نحوِ ما فعل البلخي والاصطخري وابن حوقل .
ب-التوسع في الوصف الجغرافي ليشمل الأقطار المجاورة ، على نحو ما فعل اليعقوبي ، وابن خرداذبة ، والمسعودي .
جـ - التخصص في قُطر أو إقليم واحد ، كما هو الحال عند اللغويين الذين قصروا كتبهم على وصف جزيرة العرب أو مناطق منها ، كما فعل الهمداني ، وابن فضلان ، والبيروني .
ثانياً: إنَّ الصفة الموسوعية التي اتصف بها العلم والعلماء في القرنين "مدة الدراسة" جعلت الحدود بين العلوم من الضعف بحيث يمكن بسهولة أن ينساح بعضها على بعض ، وقد كانت هذه السمة واضحة في كتب الجغرافيا .
ثالثاً: اتبع الجغرافيون المسلمون المنهج التجريبي في البحث والتنقيب وصولاً إلى المعلومات الجغرافية السليمة على أساس علمي يعتمد على الملاحظة والمشاهدة واستخلاص النتائج في صور حقائق علمية جديدة .
ونودُّ أن نشير أن الأندلسيين أفادوا من المناهج والكتب الجغرافية المشرقية ، سواء بطريق مباشر أو غير مباشر ـ وقد برعوا في هذا الميدان ـ وقدّموا أرقى الدراسات عن جغرافية الأندلس والمغرب بوجهٍ خاص ، وحققوا خصوصيتهم في هذا الباب ، وسبقوا المشارقة في بعض الفنون الجغرافية .
إسهامات العلماء في علم الجغرافية
في القرنين الثالث والرابع الهجريين
يُعدُّ لفظ " جغرافيا " من الألفاظ الدخيلة في اللغة العربية : فهي كلمة يونانية، ومعناها " صورة الأرض " أو " رسم الأرض " ويعرف هذا العلم عند العرب "بتقويم البلدان "(1) ، ويقوم على الرحلات إلى الأقطار والبلدان المختلفة ودراسة تضاريسها ووديانها وأنهارها وخلجانها وحدودها وجبالها وسهولها ، ومشاهدة عادات سكانها ومعتقداتهم وثرواتهم ومواصلاتهم ، والتعرّف على مناخ تلك البلاد ومواقع مدنها الكبرى وأهميتها من مختلف النواحي الاقتصادية والصناعية ، ثم تدوين ذلك كله بعد تحليله على أساس علمي سليم (2) .
والمسلمون بحكم فتوحاتهم ولعوامل تتصل بالتجارة وطلب العلم والحج وجهوا الكثير من عنايتهم لعلم الجغرافيا ، واتصلوا بالعالم الخارجي ، وظهر فيهم جغرافيون عالميون وصفوا من المؤلفات ما