مختلف الحديث ومشكله وأصنافه عند ابن قتيبة ومنهجه في دفع الاختلاف والإشكال في كتابه تأويل مختلف الحديث
محتوى المقالة الرئيسي
الملخص
الحمد لله رب العالمين، نحمده حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله الذي اصطفى من خلقهِ منزلة وحسباً وشرفاً... أما بعد:
فلم تزل الشريعة مصونة من كل من يحاول المساس بها والعبث في
أصولها، تلميحاً أو تصريحاً، من خلال جهود ركب مبارك من العلماء الافذاذ الذين قيضهم الله في كل عصر، ليحملوا لواء الدفاع عنها، فلم يزالوا يدفعون عنها كل شبهة، ويدحرون كل صيحة من صيحات المغرضين، المنتسبين للإسلام جهلاً منهم بحقيقته وسلامة مصادره، أو عامدين ممن أندسوا بين صفوف هذه الأمة حقداً وحسداً لزوال ممالكهم ودولهم. ومن أروع صور الدفاع عن سنة رسول الله r، ان قيض الله علماء صادقين الفّوا في علم مختلف الحديث ومشكله، مصنفات جياد حسان، فكان من جملة هذه الجهود في الدفاع عن حياض السنة ما ألفه الامام الفذ ابن قتيبة الدينوري،(ت276هـ)المتمثل بكتابه(تأويل مختلف الحديث)، الذي جاء محتوياً بين ثناياه على أروع صور الدفاع عن السنة النبوية من خلال رد مفتريات المتكلمين وغيرهم الذين تطاولوا على أهل الحديث وعلى السنة النبوية نفسها، لذا انبرى لرد هذه السهام علماء جهابذة أفذاذ لم يدخروا وسعاً للذود عنها، فكان من بين هذا الجمع المبارك ابو محمد بن قتيبة، بما خصه الله تعالى بفهم دقيق، وقلم رشيق، ونظر ثاقب، وذكاء متقد، فتصدر علماء عصره لسد الثغور التي كثر شغب الخصوم حولها، ويكفيه فخراً في ذلك العصر انه قام حين قعد الجميع وابلى في الدفاع عن سنة النبي r بأدبه البديع، وتكلف لنصرتها كل ما يستطيع.
كما لايفوتنا ان نشير في هذا الموضع بأننا تشرفنا بخدمة هذا العلم الفذ في مرحلة الدكتوراه بأظهار جهوده في الحديث برسالتنا الموسومة ((الامام ابن قتيبة وجهوده في الحديث وعلومه))، ولا أجد ضيراً في هذا المقام أن أقول اننا قد فاتنا في تلك المرحلة اشياءاً لم تكن في حسباننا، لم نتطرق اليها أنجلت امامنا بعد ذلك فأرتأينا ان نستدرك ما فاتنا بهذا البحث الذي وسمناه بـ((مختلف الحديث ومشكله اصنافه عند ابن قتيبة ومنهجه في دفع الاختلاف والاشكال في كتابة تأويل مختلف الحديث)) وعلى الرغم من ان عنوان الكتاب لم يتضمن لفظ المشكل في الحديث فهناك فارق بين المختلف والمشكل في الحديث من حيث التعارض والتناقض مع الادلة مع آي القرآن أو السنة أو غيرها من أصول الشريعة، ولكن المتصفح لهذا الكتاب يجده للوهلة الأولى انه ضم المختلف من الحديث والمشكل ايضا وهذا ما يفسر سبب تباين تسميته عند أصحاب التراجم، لهذا ضم هذا البحث بعد هذه المقدمة مبحثين، خصصنا الأول منها للتعريف بالامام ابن قتيبة وكتابه على وجه الاختصار واما الثاني فقد عرضنا فيه اصناف الاختلاف في الحديث عنده اعتماداً على نوع التعارض او التناقض الذي يحدث بين نصوص السنة نفسها او مع غيرها، التي أُدعيَ عليها التعارض والتناقض توهماً وتبجحاً، مع عرض اساليبه الفنية التي انتهجها في معالجة هذه الدعاوى الزائفة وفك اللبس عنها، ثم ذيلنا هذا البحث بخاتمة ضمت اهم ما خلصنا اليه من نتائج وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة السلام على نبيه الأمين وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين.