الآراء الفقهية لأبي بكر محمد بن داود الظاهري (ت297هـ)
محتوى المقالة الرئيسي
الملخص
إن الحمد لله نحمده ، ونستهديه ، ونستعينه ، ونسترشده ، ونؤمن به ، ونتوكل عليه ، ونثني عليه الخير كله ، ونسأله السداد في الأمر ، وإعظام المثوبة والأجر ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله ، وصفيه وخليله ، وخيرته من خلقه ، بعثه بالهدى بين يدي الساعة بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا ، فأشرقت برسالته الأرض بعد ظلماتها وتآلفت به القلوب بعد شتاتها وهوت جهالات الكفر بعد شخوصها ، فصلى الله وملائكته ، وأنبياؤه ورسله والصالحون من عباده عليه إلى يوم العرض والدين.
وبعد ...
فلا يختلف اثنان أن بغداد كانت حاضرة العالم الإسلامي فتوافر فيها ما توافر في حواضر العالم ، فقد زخرت بأنواع العلوم والمعارف والفنون ، وكانت تموج بالناس الذين اختلفت مشاربهم ، وتنوعت مسالكهم ، وقصدها علماء الشرق والغرب وخرجوا منها يحملون شتى أنواع العلوم والمعارف ، ففيها القراء والمحدثون ، وإذا ذكرنا الفقهاء فنذكر في مقدمتهم أبو حنيفة ـرحمه الله ـ وصاحبيه ، والشافعي ـ رحمه الله ـ الذي خرج إلى ما مصر بعد أن نشر مذهبه العراقي فيها ، وفيها أحمد بن حنبل ـ رحمه الله ـ ، وآراؤهم قد دونت وتناقلتها الأجيال إلى يومنا هذا ، إلا ان هناك فقهاء بغداديون اندثرت مذاهبهم فأحببت أن ابرز للناس آراء فقيه منهم فوقع اختياري على أبي بكر محمد بن داود الظاهري ، والذي دفعني إلى اختيار هذا الموضوع :
ان مذهب الظاهرية هو مذهب بغدادي الأصل ، فعلى رأسه الإمام داود الذي نشأ وتعلم في بغداد وبها أصّل لمذهبه ، ومن بعده جاء : ابنه محمد وتلميذه ابن المغلس وعنهما انتشر مذهب الظاهرية وهما بغداديان ، فيمكن لنا القول ان مذهب الظاهرية هو مذهب بغدادي المنشأ.
وان آراءهم بقيت منتشرة في صفحات كتب الفقه وإن كان ابن حزم قد تصدى لجمعها في كتابه الشهير (المحلى) الذي يعتبر المرجع لفقه الظاهرية إلا انه لم يجمع كل ما نقل عنهم وبقي بعضها هنا وهناك وقد جُمعت آراء داود قبل سنوات([1]) ، فأحببت أن أكمل المسيرة بجمع آراء من حمل لواء المذهب بعده وهو ابنه محمد.
([1])في رسالة الماجستير الموسومة ( فقه الامام داود بن علي الظاهري ) عام 1998م ، في الجامعة الاسلامية ـ بغداد.