الــتـعــلـيـم فـي ديــالــى 1869 -1914
محتوى المقالة الرئيسي
الملخص
يعد التعليم من القطاعات المهّمَة التي أثرت ولا زالت تؤثر في أَيّ مجتمع ، ولا سيَّمْا المجتمع العراقي وخصوصاً مجتمع ديالى الذي كان متقدَّماً بعض الشيء من النواحي العلمية والثقافية بسبب قربه من بغداد ، غير أَنَّ الحركة العلمية مرَّت بمدَّة من الركود وأخذت تسير على النمط القديم بسبب سيطرة العثمانيون على العراق بنحو عام وديالى بنحو خاص ، إذ كانت أوضاع التعليم شبه معدومة ،لأَن المدارس الموجودة في بعقوبة والخالص ومندلي لم تكْن تسد حاجة المواطنين لتعليم أبنائهم ، لذلك كانت المساجد والجوامع والكتاتيب هي المعول عليها في تعليم الأبناء.
جاء بحثنا هذا لدراسة أهمية التعليم في ديالى (خراسان) آنذاك خلال حقبة مهمة سبقت الحرب العالمية الأولى (1914- 1918) والتي احدثت متغيرات عدَّة على الساحة المحلية لديالى (قضاء خراسان) ، وقد عالجنا في هذا البحث أهم المتغيرات والمشكلات التي انتابت قطاع التعليم في ديالى . فقد تناول البحث دراسة أوضاع التعليم في ديالى (خراسان) أواخر العهد العثماني (1908-1917) وهي المدة التي كانت فيها ديالى تابعة إلى ولاية بغداد، إذ لم تولِ السلطات العثمانية التعليم في ديالى الاهتمام الكافي ، ولم تترك حركة الاصلاحات التي حدثت في الدولة العثمانية في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، آثاراً واضحة على التعليم في العراق بنحو عام وديالى بنحو خاص ، إلا في عهد الوالي مدحت باشا( 1869-1872) ، ففي عهده ظهرت بواكير التعليم الرسمي الحديث الذي تمّثل بافتتاح عدد من المدارس الحديثة ، غير أنها لم تكن بالمستوى المطلوب فلم تزد نسبة المتعلمين عـن نصـف عدد السكان في القضاء ، واستمـرت مـدارس الكتاتيب في عـملهـا ، كما أن مناهجها كانت بسيطة ، وكان التعليم يجري باللغة التركية ، يضاف إلى ذلك أنَّ بعضاً من العراقيين كانوا يخشون تلك الاصلاحات ، لأنها حسب اعتقادهم ستؤدي إلى تقوية السلطة العثمانية عليهم ، ولذلك فإن التعليم لم يرَ العناية الكافية إلا بعد عهد المشروطية 1908 . إذ شهدت ديالى افتتاح عدد من المدارس في كل من بعقوبة، ومندلي ، والخالص وشهربان ، وخانقين.
أقتضت طبيعة البحث تقسيمه إلى ثلاث مباحث تسبقها مقدمة وتتلوها خاتمة، تناول المبحث الأول التعليم في ديالى 1869- 1908 ، وكّرس المبحث الثاني لبحث واقع التعليم في ديالى 1908 – 1914، أَمّا المبحث الثالث، فتطرق إلى أهم مناهج التعليم في ديالى ، وخصصت الخاتمة لأهم الاستنتاجات التي توصل إليها البحث . تطلّب البحث الرجوع إلى بعض الوثائق غير المنشورة والتي حصلنا عليها من الأرشيف العثماني التابع لرئاسة الوزراء التركي في استانبول (Basbakanlik Osmanli Arsivi) ، بالأضافة إلى الوثائق العثمانية المنشورة أو ما يعرف بالسالنامات لاسيَّمْا سالنامة ولاية بغداد وهي بمثابة تقارير سنوية تصدر عن إدارة ولاية بغداد ، وللرسائل والأطاريح أهمية كبيرة أغنت موضوع البحث بمعلومات قيمة ، فضلاً عن العديد من المصادر ذات العلاقة بالموضوع وفي مقدمتها كتاب جميل موسى النجار (التعليم في العراق في العهد العثماني الأخير 1869- 1918) ، كما أسندت البحث بعض الصحف التي عاصرت الأحداث والتي تعتبر مصدراً أصيلاً لا يمكن الاستغناء عنه ، منها على سبيل المثال صحيفة صدى بابل ومجلة لغة الغرب .