المَبَرَّات الخيرية في بغداد وأثرها على حياة العامة خلال العصور العباسية المتأخرة
محتوى المقالة الرئيسي
الملخص
تأتي المَبَرَّات الخيرية بمعنى الاعمال الخيرية وهو كل عمل يشترك فيه جماعة من الناس لتحقيق مصلحة عامة وأغراض إنسانية او دينية او علمية او اقتصادية وكل مال أو جهد أو وقت، يبذل من أجل نفع الناس وإسعادهم والتخفيف من معاناتهم، وكانت اهم الموارد المالية للمبرات الخيرية في الإسلام هي الزكاة والصدقات الجارية والمستحبة والكفارات والاوقاف ، ومن صور المَبَرَّات الخيرية في العصور العباسية هو اعانة الفقراء والمعدمين والمنكوبين والزهاد من الصوفية لإيجاد مأوى لهم ، اذ كانوا لا يستطيعون شراء دار او ايجارها لذلك كانوا يبنون لهم اكواخا يلجؤون اليها ، او توفير السكنى لهم في المساجد والتي عدت ظاهرة اجتماعية عرفت في المجتمع الإسلامي منذ الصدر الأول من الإسلام، لكنها اقتصرت على الفقراء والزهاد والمسافرين ومن لا يجد مأوى له ومسكن، والراجح ان اغلب المقيمين في المساجد يعتمدون في معيشتهم على الأوقاف المخصصة للمساجد ، وقد شملت رعاية الخلفاء العباسيين لكافة المرافق العامة في الدولة ، فكرسوا جهودهم وعنايتهم الى ما فيه خير وصلاح امتهم فعمروا المساجد في بغداد واولوها اهتماما خاصا ، كذلك إقامة السقايات والتي هي مباني واسعة تتخذ مسكنا للزهاد ومأوى للمرضى في ظروف خاصة فضلا عن استمرارها بتوفير المياه للمقيمين فيها، اما الحجاج والمسافرون فكانوا ينزلون خانات- دار استراحة او كما الفنادق - ليسكنوا فيها بعض الوقت، وكان يبني هذه الخانات الموسرون ويوقفونها على السابلة، وتقيم لهم الحكومة مواضع خاصة لشرب الماء ، كما انها تقدم لهم الأطعمة، ومما لاشك فيه انشغلت الخلافة العباسية والافراد بتوفير الرعاية الصحية لأبناء المجتمع عموما ،لذا حظى المرضى بقدر كبير من تلك الرعاية حينما تأسست البيمارستانات الثابتة والمتنقلة او بمفهومه الحديث (المستشفيات) هي احدى المؤسسات الخيرية العامة التي شيدها الخلفاء والملوك والسلاطين والامراء وغيرهم من الموسرين صدقة جارية وخدمة للإنسانية وتخليدا لذكراهم، فضلا عن إقامة الربط التي تغير معناها، فلم تعد مقتصرة على انها بيوت الصوفية بل غدت دورا لضيافة المغتربين والمسافرين لما حوته من الطعام والمسكن ، كما نهضت بقسط وافر من التعليم لتوفر الكتب في بعضها ، فضلا عن كونها ملاجئ مستديمة لأصحاب العاهات وكبار السن والعميان ، يوزع عليهم الطعام والمال من الدولة والافراد ، وأصبحت ايضا ملاجئ للنساء المطلقات والمهجورات حتى يعدن الى ازواجهن او يتزوجن ، وقد اهتم الخلفاء بالربط وعمارتها وتوفير وسائل الاعاشة والنظافة للساكنين، وعليه فإن الخدمات المتوفرة في الرباط أصبح ينتفع بها المتصوفة وبقية افراد المجتمع من الفقراء والعاجزين، وقد اهتم الخلفاء العباسيين وافراد المجتمع باليتيم، فأمر بعدم قهره والإحسان اليه، والمحافظة على أمواله، ولما ظهر نظام الوقف في الدولة الإسلامية وتبينت منافذه كان للأيتام الفقراء نصيب، اذ كان الوقف الخيري يمثل جانبا مهما من الأوقاف في المجتمع، وان اغراضه تكرس للفقراء عموما، وفي منافعهم العامة ومنها التعليمية، ، وحظي السجناء باهتمام وعناية جيدة من لدن الخلفاء العباسيين كغيرهم من الفئات الاجتماعية الأخرى ، فكان لهم نصيب من المَبَرَّات الخيرية لاسيما في المناسبات المفرحة او المحزنة على حد سواء ، مما يثير الرحمة والعطف بين افراد المجتمع ويحض على التعاون والمحبة، كما اهتم الخلفاء العباسيين بإنشاء دور الضيافة الرمضانية ببغداد ليفطر فيها الفقراء والمحتاجين ، وقد حثت التعاليم الإسلامية للعمل بهذه المَبَرَّات ، ودفع الانسان المسلم لتحقيقها لأنها تؤدي بطبيعتها إلى الكمال والتكامل في البناء الاجتماعي الذي يقوم على توطيد العلاقات الإنسانية بين الناس على أساس الايمان والبر والإحسان، وعليه تصبح الامة الإسلامية أرقى الأمم وأسعدها من جميع النواحي الإنسانية.
تفاصيل المقالة
هذا العمل مرخص بموجب Creative Commons Attribution 4.0 International License.