المرجعية الثقافية لنظرية التلقي في التراث النقدي والبلاغي عند العرب

محتوى المقالة الرئيسي

الدكتورة مريم عبدالرحمن النعيمي

الملخص

تحاول هذه الدراسة أن تقدم صورة عن ظاهرة المتلقي في المرجعية الثقافية للتراث النقدي والبلاغي، بمعزل عن التأثيرات الخارجية التي جاءت تباعا مع تطور المصطلحات البلاغية، وفي ضوء ذلك ارتأى البحث أن تكون أطرافه مستمدة من التلقي الشفاهي، والتلقي الديني، والمنظور البلاغي في سياقه الفطري، بوصفه موطنا للأصالة اللغوية، وحنكة القريحة، وحصافة الفطنة في العملية الإبداعية المشهود لها بالنبوغ، والمتفوقة برصانتها في عصرها الذهبي؛ أي بما تستدعيه الظروف التي عاش فيها العربي ـ في عصر ما قبل الإسلام على وجه التحديد ـ منذ توظيف تداعي الذاكرة في سياقها الشفاهي، كما حاول البحث أن يلقي الضوء على تلقي النص الديني في قدسية البدء بفاتحة ( اقرأ) التي نزل بها القرآن، ثم تدرَّج البحث إلى تنامي مراحل الحس الذوقي الذي يعادل نهج التلقي الجمالي الانطباعي، وصولا إلى خصوصية الصورة الفنية التي سعت إلى جذب المتلقي بحمله النص على دلالات وجدانية. كل ذلك كان بمثابة لزوم لتأكيد صورة التلقي في التراث النقدي والبلاغي، والأرض الخصبة التي احتضنتها بالاستناد إلى الخبرة الذوقية من مناحي التفكير المختلفة.
المشافهة وفعل التلقي:
ليس من شك في أن تراثنا النقدي والبلاغي زاخر بالمفاهيم الاصطلاحية، ومسوغات تكشف عن سبل كيفية تذوق المتلقي هذا العطاء الغامر بفيض من المعلومات الوافرة في تراثنا الفكري بوجه عام، وإدراك ما في الدراسات الأدبية والنقدية على وجه الخصوص من تجارب وخبرات متفاوتة، ولعل ما أحرزته الدراسات الحديثة في حق منجز تراثنا الماجد ـ من ضوابط ومعايير معرفية، والكشف عن التذوق السليم ـ يعزز موقفنا من ثراء ما يعم ثقافتنا الأصيلة في بلوغ المدى، وإدراك البصيرة، وإتقان المهارة في طرح كثير من الموضوعات التي فاقت قدرات زمانها، وتجاوزت حدودها الثقافية والجغرافية، ولم يكن ذلك إلا بفعل الرغبة في إرضاء الحاجة النفسية للاستجابة الوجدانية لدى المتلقي التي من شأنها أن تكسبه التفاعل مع مثيرات الصورة الفنية للعملية الإبداعية، وبالقدر الذي لا تبدو إلا بما ينبغي أن تكون عليه، امتثالا للمقولة الشائعة التي خطها شوبنهاور Schopenhauer حين قال:" إن المهم في الفن وما يعطيه معناه الحقيقي ليس فقط أن ينقل الصورة، أعني الجوهر في الفن هو التعبير لا الصور؛ لأن الصورة في ذاتها ليست جميلة، وإنما الجميل ما يجعل الصورة متحققة بوضوح وكمال؛ أعني الأثر الفني" .

تفاصيل المقالة

القسم
بحـــــــوث العــــــدد