معنى الحياة وعلاقتها بالصلابة النفسية ووجهة الضبط وفاعلية الذات الاجتماعية لدى طلاب جامعة الأمير سطام بن عبد العزيز

محتوى المقالة الرئيسي

د. محمد حسـن علي الأبيـض

الملخص

يمثل طلاب مرحلة الجامعة نخبة من شباب الأمة وعماد نهضتها، وبالتالي يجب الاهتمام بهم، وتوفير كافة الإمكانات لدعمهم أكاديميا ونفسيا واجتماعيا، وتوجيه المزيد من الاهتمام نحو دراسة المتغيرات النفسية التي تسهم في بناء شخصيتهم، وتوجه سلوكهم، وتمنحهم الكفاءة والفاعلية والإيجابية في حياتهم، وتساعدهم على مواجهة الصعوبات والتحديات.


ومن مميزات هذه المرحلة، توفر الفرص لاكتشاف معنى الحياة، حيث يكون لدي الطلاب حاجة ملحة واهتمام متزايد للتمتع بحياة مرضية وهادفة من خلال إثراء البعد الروحي والوجودي لديهم، وأن يكون أداؤهم الأكاديمي ذا معنى وهادف، كما انهم يواجهون العديد من التحديات المتعلقة بالسعي نحو الاستقلال والاعتماد على الذات، وتحمل المسؤولية، وتحقيق الكفاءة العلمية، والتفكير في المستقيل، وإقامة علاقات ذات معنى مع الآخرين، وحتى يتمكن الطالب الجامعي من مواجهة هذه التحديات فلا بد من شعوره بمعنى وقيمة لحياته.


ويعد فيكتور فرانكل Frankl (1905- 1997) من أوائل العلماء الذين تصدوا لتفسير معنى الحياة من خلال نظريته عن العلاج بالمعنى، وأول من أشار إليه، باعتباره الدافع الأساسي والجوهري لدى الإنسان، حتى عده المفهوم المحوري في نظريته عن الشخصية الإنسانية، (فرانكل، 1982: 131).


ويعتبر معنى الحياة من المفاهيم التي بدأت تستحوذ على اهتمام الباحثين في مجال علم النفس، وذلك لتأثيرها على كافة جوانب الشخصية، حيث ترتبط لدى الفرد قيمة حياته ورضاه عن ذاته بالمعنى الذي تنطوي عليه تلك الحياة والدور الذي يرى أنه أهل لأدائه في الحياة.


وهذا ما يؤكد عليه "فرانكل" (1986) فمن خلال المعنى يشعر الإنسان بقيمته وبإنسانيته ويقبل على الحياة ويتفاعل ويتجاوب معها ويحقق التميز والتفرد والسعي نحو تحقيق أهدافه. فالفرد الذي تمتلئ حياته بالمعنى والأهداف يجد من الطاقة والدافعية ما يجعله يؤمن بجدوى الحياة، وما يعينه على تحمل الصعاب والمعاناة.


حيث برهنت العديد من الدراسات على أن إدراك الأفراد لمعنى الحياة يرتبط ايجابيا مع التفكير الإيجابي، والشعور بالسعادة والرضا عن الحياة والصحة النفسية، كما انه يساعدهم على تخفيف الضغوط والقلق الناشئ عن تعرض الأفراد للصعوبات وخبرات المعاناة.


King et al,2006) ؛ Ardelt, 2003؛ Greenstein & Breitbart, 2000؛ البشر، والحميدي، 2019)


في حين أشار دينهولم Denholm (2006: 9) إلى أن الشباب حينما لا يمتلك الفرصة للإحساس بالهدف، فإنه سيعاني من قصور اندماج مع الآخرين وزيادة الضغوط النفسية وانخفاض الإنتاجية.


  وفي سعينا نحو تحقيق معنى للحياة لدى طلاب الجامعة فلا بد من الاهتمام بدراسة المتغيرات النفسية التي قد تسهم في تطوير وتحسين معنى الحياة لديهم، ولعل متغيرات الدراسة من هذه المتغيرات التي يمكن أن تسهم في مساعد الطلاب على الشعور بمعنى لحياته، الصلابة النفسية وفاعلية الذات الاجتماعية ووجهة الضبط. وتعد الصلابة النفسية من أهم المتغيرات الإيجابية التي لها دور قوي في مواجهة ضغوط الحياة وقوة التحمل، حيث إن الصلابة النفسية، تعمل كمصدر واق ضد الصعاب وإدراك الفرد أن لديه مقاومة، وصلابة نفسية قد تساعده على التنبؤ بمدى استمتاعه بالسعادة وأنها تخفف من أثر الضغوط وتساهم في مساعدة الأفراد على الاستمرار وإعادة التوافق (Khoshad, 1999 & Maddi).


وترى كوبازا أن الصلابة النفسية مركب يتكون من ثلاثة أبعاد مستقلة هي الالتزام والتحكم، والتحدي، وهذه المكونات الثلاثة ترتبط بارتفاع قدرة الفرد على تحدي ضغوط البيئة وأحداث الحياة، وتحويل أحداث الحياة الضاغطة لفرص النمو الشخصي (Kobasa, 1979).


بمعنى أن معنى الحياة يرتبط بالتوجه الإيجابي والمواجهة الفعالة مع أحداث الحياة الضاغطة، وهذا ما اشارت العديد من الدراسات منها (Debats, et. Al ,1995؛ عبد الصمد، 2002؛ رسلان، رحال، وهلال، 2017؛ الحضري، سومة أحمد، 2018)  


في حين تشير فاعلية الذات الاجتماعية إلى ثقة الفرد في حياته وقدرته على الانخراط في تفاعلات اجتماعية مهمة وضرورية للبدء والحفاظ على العلاقات الشخصية، هذا يتضمن سلوكيات مثل التفاوض والصراع بين الأفراد، لقاء أشخاص جدد، وتأكيد الذات في المواقف الاجتماعية، وإقامة علاقات عاطفية، وتطوير الصداقات (2000, Betz& Smith) وقد طوّر باندورا Bandura ((1977 مفهوم الفاعلية الذاتية، التي عُرّفت بأنها اعتقاد الأفراد بأنهم يستطيعون بنجاح القيام بسلوكيات من شأنها أن تؤدي إلى آثار مرغوب فيها. وأشار هيرمان وبيترBetz,  & Hermann (2006) أن الفاعلية الذاتية الاجتماعية تمكن الأفراد من الاعتماد على الذات، وتأكيد و تقدير الذات، كما تودي دوراً في المجال الأكاديمي من خلال مساعدة الطلاب على تحويل أهدافهم وإنشاء علاقات اجتماعية مهمة و حقيقية.


أما وجهة الضبط فهو من ضمن المتغيرات المتعلقة بالشخصية، والذي يُنظر إليه كسمة شخصية أو كأسلوب معرفي للفرد، وهو متغيرا مهماً لتفسير السلوك الإنساني في المواقف الاجتماعية المختلفة. وبناء على نظرية التعلم الاجتماعي لروتر Rotter,1966)) فإن وجهة الضبط هي الطريقة التي يدرك بها الفرد الأحداث والتي تنقسم إلى داخلية وخارجية فالأفراد ذو الوجهة الداخلية يعتقدون أن الأحداث الايجابية أو السلبية التي تحدث لهم ترتبط بالدرجة الأولي بعوامل داخلية أو تتعلق بالشخصية والذكاء وسمات الشخصية أما الأفراد ذو الوجهة الخارجية فيعتقدون أن الأحداث سواء الايجابية أو السلبية ترتبط في المقام الأول بعوامل خارجية مثل الحظ والصدفة وتأثير الآخرين أو بعوامل خارجية غير معروفة.             (Rotter, 1966:609)


والدراسة الحالية تسعى إلى التعرف على العلاقة بين معني الحياة والصلابة النفسية وفاعلية الذات الاجتماعية، ووجهة الضبط، والتعرف على إمكانية التنبؤ بمعنى الحياة من خلال هذه المتغيرات.

تفاصيل المقالة

القسم
بحـــــــوث العــــــدد