مدرسة العشائر في استانبول (1892- 1907) دراسة وثائقية

محتوى المقالة الرئيسي

نور إبراهيم نجم
ا.م.د.قحطان أحمد فرهود

الملخص

افتتح السلطان عبد الحميد الثاني (1876-1909م) مدرسةً حكومية لأبناء شيوخ العشائر والقبائل العربية والكردية والألبانية سميت "مدرسة العشائر" في استانبول، كان التعليم فيها على نفقة الدولة العثمانية التي تكفلت بكافة احتياجات الطلبة وخصصت لهم راتبًا شهريًا لحين تخرجهم. واستمرت المدرسة خمسة عشر عامًا (1892- 1907). وكانت المدرسة تقبل الطلبة ممن تتراوح أعمارهم بين 12 و16 عامًا. وجاء إنشاؤها جزءًا من سياسة السلطان بضبط الولايات العربية وإخضاعها لسياسته المركزية ومركز السلطة في استانبول.


وكانت القبائل العربية والعشائر البدوية تعارض سيطرة الدولة عليها، لذا سعى العثمانيون إلى تغيير طبيعتها وتوطينها وفرض ضرائب وجبايات سنوية أخرى عليها بغية احتوائها وضمان ولائها للدولة. وكان إنشاء مدرسة العشائر خطوةً مهمةً ضمن هذا الإطار. وأوضحت الوثائق العثمانية أن السلطان عبد الحميد الثاني كان قد اهتم شخصيًّا بإنشاء تلك المدرسة من حيث التنظيم والدراسة، ووضع لائحتها وخُطط توظيف الطلبة فيها بعد تخرجهم في وظائف مدنية وعسكرية. لذا كان نظامها يختلف عن المدارس العسكرية الأخرى التي كانت لا تسمح للمتخرج فيها بالتعيين في وظائف مدنية، وهذا ما يفسِّر إنشاءها وتجهيزها بالكامل في مدة لا تتجاوز الثلاثة أشهر.


  أُرسلت التعليمات إلى الولاة العرب في كل من سوريا وحلب والقدس وبغداد والموصل والبصرة وطرابلس الغرب وبنغازي واليمن والحجاز، وحُددت أسماء الطلبة، وقبل خمسون طالبًا في المرحلة الأولى. واستمر التعليم في المدرسة حتى شباط 1907م، أُغلقت بعدها لأسباب سياسية واقتصادية؛ إذ تذكر بعض المصادر أنها أُغلقت بسبب نفقاتها الباهظة وعجز الدولة عن تلبية متطلباتها وعجزها كذلك عن توظيف الخريجين. غير أن بعض المصادر تشير إلى أن الإغلاق كان بسبب تذمر الطلبة فيها من اختلاف الطعام والمناخ عمَّا اعتادوا عليه، مما أدى إلى مرضهم وإعادتهم إلى أوطانهم. ولكن على الرغم من إغلاق تلك المدرسة خلال وقت قصير، إلا أنها نجحت في تخريج العديد من أبناء العشائر الذين عادوا إلى أوطانهم بعد أن اكتسبوا تعليمًا رفيعًا.

تفاصيل المقالة

القسم
بحـــــــوث العــــــدد