اثر القراءة الشـاذة في اختـلاف الفقهاء
Main Article Content
Abstract
اثر القراءة الشـاذة في اختـلاف الفقهاء
الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا، فجعله نبراسا ومنهاجا ،وجعل القمر نورا والشمس سراجا، والصلاة والسلام على نبيه المبعوث رحمة للعالمين مبشرا ونذيرا وهاديا لربه وسراجا منيرا، وعلى آله وأصحابه وأتباعه الذين اشتغلوا بالعلم فجعلوه لتحقيق رضوان ربهم تعالى سلما ومعراجا.
أما بعد :
فإن من خير ما صرفت فيه أنفس الأوقات ، وأفضل ما جندت له الطاقات ، ما يخدم البحوث المتعلقة بالعلوم الشرعية ولا سيما كتاب الله الكريم وسنة رسوله الأمين عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ؛ فهما مصدرا التشريع ، وإليهما المرجع في الأحكام الشرعية في ألأصول والفروع. ومن هذه البحوث ( القراءة الشاذة ) وهي التي خرجت عن القرآن الكريم لكونها نقلت آحادا ؛ ولعدم ثبوتها بطريق التواتر اختلف علماء الأصول في الاحتجاج بها في إثبات الأحكام الشرعية .
والذي دعاني لاختيار هذا الموضوع أن علم القراءات يعتبر أثمن مادة، وأرفعها مكانة، من بين هذه العلوم لتعلقه بألفاظ القرآن الكريم، إضافة إلى أهمية هذا العلم في ميدان الفقه المقارن، باعتباره أحد أسباب الاختلاف الفقهي. قال أبو عبيد في فضائل القرآن: المقصد من القراءة الشاذة تفسير القراءة المشهورة وتبيين معانيها ، كقراءة عائشة وحفصة والصلاة الوسطى صلاة العصر ، وقراءة ابن مسعود (فَاقْطَعُواْ أَيْمَانَهُمَا ) قال: فهذه الحروف وما شاكلها قد صارت مفسرة للقرآن وقد كان يروى مثل هذا عن التابعين في التفسير فيستحسن ، فكيف إذا روي عن كبار الصحابة ، ثم صار في نفس القراءة ، فهو أكثر من التفسير وأقوى ،فأدنى ما يستنبط من هذه الحروف معرفة صحة التأويل. وقال قتادة: من لم يعرف الاختلاف لم يشم أنفه الفقه. وقال هشام بن عبيد الله الرازي: من لم يعرف اختلاف القراء فليس بقارئ، ومن لم يعرف اختلاف الفقهاء فليس بفقيه. وعن أيوب السختياني وابن عيينة: أجسر الناس على الفتية أقلهم علما باختلاف العلماء. زاد أيوب وأمسك الناس عن الفتيا أعلمهم باختلاف العلماء.([i]) وقال الزركشي: باختلاف القراءات يظهر الاختلاف في الأحكام([ii]). ولأهمية هذا الموضوع الأصولي الذي هو بأمس الحاجة إلى إيضاح ، فقد شرعت بالكتابة فيه مستعينا بالله تبارك وتعالى ومتوكلا عليه ، رغم قلة العلم وضعف العزيمة.
[i]- جامع بيان العلم وفضله ، يوسف بن عبد البر النمري ، دار الكتب العلمية - بيروت – 1398هجرية. ج2ص46.
[ii]- البرهان في علوم القرآن ، محمد بن بهادر بن عبد الله الزركشي أبو عبد الله ، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم ، دار المعرفة – بيروت – سنة 1391هجرية ، ج1 ص326.