أثر الحركة الإعرابية في اختلاف الحكم الشرعي

محتوى المقالة الرئيسي

د.عباس عبد الله عباس

الملخص

أثر الحركة الإعرابية في اختلاف الحكم الشرعي


شغلت هذه الظاهرة مساحة واسعة في الدرس النحوي، بحيث لا تكاد تخلو كل جملة عربية إلا وقد قرر الإعراب لها مصيرها، من رفع أو نصب أو جر أو جزم فتختلف معانيها لاختلاف هذه الحركات الإعرابية.


والحركة الإعرابية ميزة حافظت عليها اللغة العربية في تأريخها الطويل، والحركة في حقيقة الأمر ضربًا من ضروب الإيجاز لا نظير له، وقد وقف  القدماء عند هذه الظاهرة وعرفوها معرفة دراسة وبحث وتأليف، ووقفوا عند حركات الإعراب مفسرين.


ويُعد الزجاجي من أسبق المتقدمين وأطولهم نفسًا في هذا الموضوع حينما قيل له: لم دخل الكلام؟ أي: الإعراب، قال: إن الأسماء لما كانت تعتروها المعاني فتكون فاعلة ومفعولة ومضافة ومضافًا إليها، ولم تكن في صورها وأبنيتها أدلة على هذه المعاني، بل كانت مشتركة، جعلت حركات الإعراب فيها تنبئ عن هذه المعاني، فقالوا: ضرب زيدٌ عمرًا، فدلوا برفع: زيد على أن الفعل له، وبنصبِ: عمرو على أن الفعل واقع به وقالوا: ضُرب زيدٌ فدلوا بتغير الفعل ورفع زيدٍ على أن الفعل ما لم يُسم فاعله، وأن المفعول قد ناب منابه، وقالوا: هذا غلام زيدٍ، فدلوا بخفض زيد على أن إضافة الغلام إليه، وكذلك سائر المعاني جعلوا هذه الحركات دلائل عليها، ليتسعوا في كلامهم ويقدموا الفاعل إن أرادوا ذلك أو المفعول عند الحاجة إلى تقديمه وتكون الحركات دالة على المعاني، هذا قول جميع النحويين إلا قطربًا([1]).


وقد اهتم ابن جني(392ھ) بمعرفة علاقة الحركات بالمعاني لدى الأعراب العاديين الذين لم يدرسوا نحوًا ولا قعدوا قواعد النحو، وقد انتفع بمقالاته معهم في استنساخ قاعدة مهمة هي ارتباط الحركات في أذهانهم بالمعاني بالفطرة والسليقة، فعند لقائه مع الأعرابي ابن عساف التميمي قال له: كيف تقول: ضربتُ أخوك؟ فقال الأعرابي: ضربتُ أخاك، ويقول ابن جني: فأردت الرفع فأبى، وقال: لا أقول أخوك أبدًا، قلت: أي ابن جني: فكيف تقول: ضربني أخوك؟ فرفع، فقلت: ألست زعمت أنك لا تقول أخوك أبدًا؟ فقال ايش ذا، اختلفت جهتا الكلام([2]).


 


([1]) ينظر: الإيضاح في علل النحو للزجاجي: 69-70.


([2]) ينظر: الخصائص: ابن جني: 1/250.

تفاصيل المقالة

القسم
بحـــــــوث العــــــدد